Menu

في الذكرى السنوية للقادة الشهداء: نصر الله يقلب الطاولة على استراتيجية التحالف الصهيوني الأمريكي الرجعي

عليان عليان

خاص بوابة الهدف

في خطابه الهادئ يوم أمس الأول الذي تناول فيه أزمة تشكيل الحكومة، وملفات المنطقة وضع السيد حسن نصرالله النقاط على الحروف، في سياق استراتيجية حزب الله ومحور المقاومة، ما خلق إرباكاً لدى أولئك في الداخل اللبناني المدعومين رجعياً وأمريكياً، وخلق إرباكاً لدى العدو الصهيوني، الذي ما لبث يرسل التهديدات للحزب وبيئته الحاضنة، تارةً من خلال الاستراتيجية التي طرحها رئيس أركان جيش العدو الصهيوني "أفيفكوخافي"  في الورقة التي قدمها أمام معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في السادس والعشرين من كانون ثاني (يناير) الماضي، وتارةً أخرى من خلال المناورات الجوية المشتركة مع الأمريكان في شمال فلسطين المحتلة.كما أنه وجه نصر الله رسالة واضحة، بشأن سبل الرد على خطط قوات الاحتلال الأمريكية الراهنة والقديمة في سورية، سواء في عهد الرئيس الأمريكي جوزف بايدن أو في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما.

في مواجهة تهديدات رئيس أركان العدو الصهيوني

في موضوع العدو الصهيوني وتهديداته، التي أطلقها كوفاخي في ورقته سالفة الذكر بشأن استراتيجيته في مواجهة حزب الله، التي تحدث فيها عن تكتيك "الأيام القتالية" لتسجيل نقاط قوة ضد المقاومة، وعن التوجه لضرب المواقع العسكرية للمقاومة وعن الامتناع عن ضرب المواقع المدنية التزاماً بالقانون الدولي!! إلا إذا كان فيها تواجد لوجستي أو عسكري للمقاومة، كان رد نصر الله الهادئ الواثق بدون أدنى انفعال حين رد بوضوح: إذا ضربتم قرانا سنقصف مستعمراتكم، وإذ ضربتم مدننا سنقصف مدنكم، وإذا ضربتم مواقعنا العسكرية، سنضرب مواقعكم ومدنكم التي تضم منشآت أمنية وعسكرية.ولسان حال نصر الله  يقول: "لا تختبروا قوتنا، فقد جربتمونا" معلناً أن تكتيك الأيام القتالية قد يتطور إلى حرب شاملة، لا تقووا على احتمالها، بحكم أن جبهتكم الداخلية لن تصمد أمام ضرباتنا الصاروخية" في إشارةً منه إلى امتلاك المقاومة عشرات الآلاف  من الصواريخ الدقيقة، التي يمكن أن تصل إلى أي مكان في العمق الصهيوني، والتي سبق التأكيد عليها في خطاباته السابقة.

بالإضافة إلى ما تقدم فقد "مسخر" نصر الله ادعاءات كوخافي بشأن الحرص على المدنيين اللبنانيين وعلى القانون الدولي، مذكراً إياه بأن تاريخ الكيان الصهيوني منذ قيامه عام 1948 قام على المجازر بحق المدنيين ولا يزال.

 أبعاد خطاب نصر الله في الرد على استراتيجية العدو

ما يجب ذكره هنا بشأن خطاب نصر الله، وبقية الخطابات السابقة، في رده على رئيس أركان العدو وبقية قادة العدو السياسيين والعسكريين، ما يلي:

  1. أن نصر الله في هذا الخطاب كما في خطابات سابقة، أكد بطريقة مباشرة وغير مباشرة على مسألة عدم شرعية وجود الكيان الصهيوني، وطرح ولايزال يطرح بقوة سؤال الوجود للكيان الصهيوني،وهو بهذا الخطاب يعيد الاعتبار للأدبيات الاستراتيجية المتعلقة بتحرير فلسطين، التي لم يجرؤ حاكم عربي على التفوه بها منذ نكبة 1948، إلا إذا استثنينا مرحلة خالد الذكر جمال عبد الناصر، الذي رأى فيه مؤسس دولة الكيان الصهيوني "ديفيد بن جوريون خطراً وجودياً على (إسرائيل)،ومواقف بعض الفصائل الفلسطينية التي لم تغادر هدف التحرير، ولم تتأثر بأدبيات أوسلو.

2- أن نصر الله يضرب باستمرار على نقطة ضعف العدو ممثلةً بجبهته الداخلية، حين يعلن "أنه انتهى الوقت الذي تنقلون فيها الحرب إلى داخل الدول العربية، وتحددون فيه زمان ومكان المعركة، وتظل جبهتكم الداخلية في مأمن، مذكراً العدو بحرب تموز 2006 التي دكت فيه صواريخ المقاومة آنذاك عمقاً لابأس به في الكيان الصهيوني، ووصلت إلى مختلف مناطق الجليل، وفي الذاكرة تهديده الشهير بشأن قصف "حيفاوما بعد بعدحيفا".

3- أنه يذكر العدو الصهيوني، بأن محور المقاومة كل متكامل، يدرس الأمور ويحدد خياراته القادمة بشكل مدروس، وأن ضربات العدو الاستعراضية، لن تغير من استراتيجية المحور القادمة بشأن فلسطين، حال انتهاء المحور من حسم المعركة نهائياً في سورية.

أما بشأن التآمر الأمريكي الأطلسي الصهيوني على سورية، وزعم إدارة بايدن أنها ليست معنية بآبار النفط، وأن همها محاربة "داعش" فقد أعلن بصريح العبارة أن "داعش" لعبة صهيونية أمريكية، يجري استثمارها بين الفترة والأخرى، ويجري تحريك فلولها حسب الحاجة من قاعدة "التنف" باتجاه البادية السورية والأراضي العراقية، ليسجل بعد ذلك موقفاً حاسماً: "بأن محور المقاوم لن يتعامل مع فلول داعش في سياق دفاعي، بل في سياق هجومي كاسح بطابع استئصالي".وهو بهذا الموقف يوجه رسالة للأمريكان، بأن استراتيجية بايدن التي ورثها عن أوباما  قابلة للهزيمة والاندحار النهائي، إذ أن هذا  التهديد الحاسم ينطوي على التأكيد على قوة الردع الاستئصالية لمحور المقاومة، لاجتثاث فلول "داعش"، في مواجهة استراتيجية إعادة نشر الفوضى هذا من جهة، ومن جهة أخرى،فإنه ينطوي ضمناً على تهديد للقواعد الأمريكية في سورية و العراق ، والتأكيد على أن محور المقاومة الذي تمكن بدعم من الحلفاء الروس،من تحرير معظم الأراضي السورية من  تنظيم داعش الذي كان يحكم السيطرة على ما يزيد عن 90 ألف كيلو متر مربع من الشرق السوري، قادر في المستقبل القريب على هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي  في سورية برمته في المستقبل المنظور.

 الشأن الداخلي اللبناني

وفي الشأن اللبناني الداخلي، توقف أمام عدة قضايا مثل أزمة تشكيل الحكومة، والمطالبة بتدويلها، وقضية التحقيق في ملف المرفأ، والتحالف مع التيار الوطني الحر، والجيوش الإلكترونية التي تعمل ليلاً ونهاراً على شيطنة حزب الله والتأثير على بيئة المقاومة.

 وما يهمنا أيضًا التوقف أمام ما ذكره بشأن أزمة تشكيل الحكومة، حيث خاطب الحريري دون ذكر اسمه بقوله:"لا أحد لا يريد تأليف حكومة جديدة في لبنان، في وقت من مصلحة الجميع أن تتألف حكومة، والكلام عن انتظار الملف النووي الإيراني ممجوج ولا مكان له، وسابقاً كان الكلام عن انتظار الانتخابات الأميركية، وغيرها.. فيما انتظار الخارج لن يؤدي إلى أي نتيجة، والضغوط قد تدفع البعض إلى التمسك بمواقفه".وهو بهذا الموقف يرد على خطاب الحريري، في ذكرى اغتيال والده - بعد جولته التي شملت عدة دول مثل الإمارات وفرنسا في مسعى للاستقواء بها- التي حملَّ فيها الرئيس عون مسؤولية إعاقة تشكيل  الحكومة، وألمح نصر الله  فيها بشكل غير مباشر عن  مغزى إصرار الحريري، على أن لا تتجاوز التشكيلة الحكومية (18) وزيراً من غير الحزبيين، في أنه يريد تشكيلة على مقاس توجهاته وارتباطاته الخارجية، وإقصاء البعض منها، ناهيك أن نصر الله كان صارماً،في مواجهة تصريحات أطراف تنتمي لتحالف (14) آذار الانعزالي، تطالب بتدويل "أزمة تشكيل الحكومة" من بوابة الأمم المتحدة ومن خلال "الفصل السابع"، حيث أكد نصر الله أي كلام عن قرار دولي تحت البند السابع بشأن الحكومة هو دعوة إلى الحرب، والتدويل يتنافى مع السيادة وقد يكون غطاء لاحتلال جديد، وقد يفتح الباب على مصراعيه، وقد يفرض توطين الفلسطينيين، مؤكداً رفضه أي شكل من أشكال التدويل، بما يشكله خطراً على لبنان، ويستهدف فرض فكرة التدويل هي لاستقواء بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر. إن نصر الله بإشارته لهذه المسألة، يدرك (أولاً) أن تدويل الأزمة من بوابة مجلس الأمن الدولي غير ممكن على الإطلاق، بحكم وجود دولتين مركزيتين من الدول دائمة العضوية في المجلس(روسيا والصين) لن تسمحا بمرور قرار تدويل الأزمة اللبنانية عبر الفيتو المزدوج، الذي سبق وأن استخدمتاه،في مواجهة مشاريع قرارات لإدانة سورية (وثانيا) فإن استخدام الفصل السابع لا يمت بصلة لأزمة تشكيل الحكومة، إذ يجري استخدامه إذا ما كان حدث سياسي أو عسكري في بلد ما يهدد السلم والأمن الدوليين.ونصر الله بتعرضه لهذه المسألة، أراد التأكيد على أن الحريري وحلفائه في الداخل من خلال إثارة هذه الفزاعات، ما هم هو إلا أدوات للتحالف الغربي السعودي الخليجي.